الكاتب: المحامي: زياد ابو زياد
تشتد الهجمة الاستيطانية على القدس ضراوة ليس فقط في منطقة الحرم الشريف وانما في سائر ارجاء المدينة وبشكل يؤكد ان الاحساس العام في الدوائر الاسرائيلية الحاكمة هو انه قد آن الاوان لتكريس واقع جديد في الحرم القدس وفي احياء المدينة.
فبعد مسلسل من الاستنزاف والتحرش وتطبيع عملية دخول اليهود الى ساحات المسجد الاقصى، اصبح الهدف الان هو تطبيع وجود يهودي دائم داخل ساحات الاقصى من خلال تصعيد وتيرة الدخول للاقصى بحماية الشرطة واستدراج رد فعل فلسطيني «متطرف» ليستخدم مبررا للخطوة الجديدة القادمة. وهذا الامر يستدعي منا اعادة النظر في سبل ووسائل المواجهة مع المحاولات اليهودية المحمومة والتأكد بأنها لن تنقلب الى اداة يستغلها الطرف الاخر.
وهنا لا بد من الاشارة الى ضرورة الضغط الدبلوماسي لتفعيل الدور الاسلامي والعربي وخاصة الدور الاردني الذي بادر وعلى اعلى مستوى الى الاعراب عن قلقه ورفضه الى ما يجري من محاولات لتغيير الامر الواقع داخل الحرم الشريف. ولا بد من التمسك بهذا الدور لانه يكاد يكون الدور الاقوى والاكثر فعالية للدفاع عن الاقصى الذي لا يقتصر على ابنية المساجد واروقتها وانما يشمل كل شبر من هذه الساحات المباركة التي هي جزء لا يتجزأ من المسجد.
اما ما يحدث في القدس بشكل عام فهو يخضع لمبدأ ان الجاني هو نفسه القاضي، وبالتالي فلا فائدة تذكر من محاولة اللجوء لما يسمى بالقضاء الاسرائيلي فيما يتعلق بالقدس لان الذي يحكم هذا القضاء هو القوانين التي تضعها اسرائيل والتي تقوم على اساس التمييز لصالح اليهود ضد المواطنين العرب.
فالبيوت العربية التي تم اخلاؤها في حي الشيخ جراح بما في ذلك عائلات الكرد وغاوي وحنون هي بيوت تم بناؤها بالاتفاق بين وزارة الانشاء والتعمير الاردنية ووكالة الغوث في الخمسينات ضمن مخطط لاسكان اللاجئين الذين نزحوا من بيوتهم وخاصة في القدس الغربية المحتلة.
وفي حين اعتبرت املاك العرب في القدس الغربية املاك غائبين واعطيت للمستوطنين اليهود، جاء اليهود بعد عام 1967 ليطالبوا باملاكهم في القدس الشرقية ومنع هذا الحق من العرب في القدس الشرقية بان يطالبوا باملاكهم في القدس الغربية!.
ومع انه كان يمكن ان يكون للاردن ولوكالة الغوث الدولية دور في الدفاع عن حقوق اللاجئين الذين تم اسكانهم في مشروع الشيخ جراح ، الا انهم تركوا ليواجهوا قدرهم امام القضاء الاسرائيلي المنحاز الذي القى بهم الى الارصفة ومنعهم حتى من الاقامة في خيام ارادوا نصبها على الارصفة امام بيوتهم التي اخرجوا منها بحجة انها بنيت على ارض كانت مملوكة لليهود قبل عام 1948.
لقد تم خلال الثمانية عشر شهرا الماضية هدم اكثر من مئة وسبعة منازل في القدس العربية، وبنفس الوقت بناء الاف الوحدات السكنية لليهود في الاحياء اليهودية التي يتم فيها البناء على قدم وساق.
وهناك حديث هذه الايام عن اقامة مبان ضخمة قرب ساحة البراق (المبكى) من فوق الاثار الرومانية التي اكتشفت مؤخرا هناك، وابتلاع المساحة الواسعة المتبقية من واد الجوز «الصوانة» والحسبة وارض السمار حول الكلية الابراهيمية ومستشفى الهلال وصولاً الى الجامعة العبرية لتقام عليها ساحة احتفالات كبرى تحول دون استخدام هذه الارض لمشاريع بناء عربية.
هذه الهجمة على القدس تتزامن مع تشديد القيود على الدخول الى منطقة غور الاردن، ومنع اية اعمال تطوير او بناء فيه، وجعل حياة العرب المتواجدين فيه جحيماً لا يطاق وتقييد حقهم في استخدام الـ 6? من اراضي الاغوار التي بحوزتهم، وتخصيص حوالي 50? من اراضيه لاستخدام المستوطنين والباقي اعلانها مناطق عسكرية مغلقة، علماً بأن عدد المستوطنين هو ستة الاف مستوطن والعرب «52» الفاً.
ناهيك عن الحملة الشرسة ضد المزارعين ورعاة المواشي في جبال الخليل، والاعتداءات المتكررة ضدهم ومواشيهم سواء من قبل المستوطنين او قوات الامن الاسرائيلية او الاثنين معاً.
هذه امثلة لبعض ما يجري في مناطق الضفة الغربية والذي يلاحظ ان القوات الاسرائيلية بدأت تعمل وبشكل مبرمج لافشال المخطط الذي اعلنه رئيس الوزراء د. سلام فياض عن اقامة البنية التحتية للدولة الفلسطينية التي ستقام خلال عامين!
اسرائيل تسعى الى افشال اية خطوة فلسطينية للبناء او التعمير، وتعمل جاهدة على تكريس الضم والتهويد والاستيطان، وتتركنا نغرق في وحل الصراع الداخلي نتبارز في تبادل الشتائم والاتهامات، ونسرف في توقعاتنا من المجتمع الدولي ومؤسساته.
مشروعنا الوطني في مهب الريح، وليس لاحد ان يدعي الوصاية على قرارنا او مصيرنا الوطني، ولابد من ان نتوقف لحظة لنسأل انفسنا الى اين نحن ذاهبون فمثل هذه الوقفة اهم من ضرب مطرب شعبي في غزة!..او الدخول في متاهة اجراء انتخابات او عدم اجراؤها!