بيت لحم.... بعد عناء طويل وانتظار لمدة 9 شهور حصلت والدة الأسير ساهر محمود خلف من الخليل على تصريح لزيارة ابنها في سجن بئر السبع، وكعادة أهالي الأسرى لم تنم ليلة الزيارة حيث أمضت ليلتها تتخيل ابنها ورده فعله عندما يراها لأول مرة منذ اعتقاله، وماذا ستقول له في هذه الزيارة .
وفى الساعة الثانية ليلاً ارتدت الحاجة " فاطمة" ملابسها وحملت معها بعض الحاجيات من قهوة وملابس وغيرها لابنها "ساهر "وتوجهت إلى مقر تجمع الأهالي حيث استقلت برفقه أهالي الأسرى الآخرين الحافلة المخصصة لنقلهم إلى السجن والتي حددتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي التي تشرف على برنامج زيارات الأسرى فى كافة سجون الاحتلال .
عند وصول الحافلات إلى الحاجز العسكري الإسرائيلي قرب بلدة ترقوميا، أوقفهم الجنود وأمروهم بالنزول من الحافلات والاصطفاف في طابور للتفتيش على التصاريح الخاصة بالزيارة وتفتيش الأهل شخصياً وقلب محتويات الشنط التي احضروها معهم ، وعند وصولها إلى أول الحاجز أمرها الجندي بإبراز التصريح ، وبعد التدقيق فيه ومراجعه الأسماء قام الجندي بتمزيق التصريح ، وأشار لها بالعودة إلى الحافلة ، حاولت مرارا أن تستوضح السبب دون جدوى ، فعادت إدراجها حزينة ،بعد أن انتهت أحلامها على هذا الحاجز اللعين .
سياسة ممنهجة
قالت وزارة شئون الأسرى والمحررين المقالة بان سلطات الاحتلال تتعمد حرمان الآلاف من الأسرى من زيارة ذويهم ولمدد مختلفة تصل إلى عدة سنوات كأسلوب ممنهج لعقاب الأسير وذويه ، وفرض مزيد من التضييق والضغط النفسي عليهم ، وقد يكون قرار المنع جماعي كحالة اسري قطاع غزة الذين يحرمون من الزيارة منذ ما يقارب من 30 شهراً متواصلة بحجة واهية.
وأوضح رياض الأشقر مدير الإعلام بالوزارة بان الاحتلال يتفنن في ابتكار أساليب جديدة لحرمان الأسرى من زيارة ذويهم في السجون، فبالإضافة إلى المنع الأمني المعروف في كافة السجون والذي يبلغ فيه الأسير بشكل رسمي من قبل إدارة السجون بأنه ممنوع من الزيارة لفترة محددة ، قد يتم تجديدها لفترات أخرى ، يقوم الاحتلال بحرمان أسرى آخرين بطرق ملتوية ،ومنها منح تصاريح لأهالي الأسرى بالزيارة ، وعند وصولهم إلى الحواجز يقوم جنود الاحتلال بإنزال الأهالي من الباصات بحجة التفتيش ، والاطلاع على تصاريح الزيارة حيث يتعمدون تمزيق التصاريح لحرمان الأهالي من رؤية أبنائهم المعتقلين ،وهذا حدث على سبيل المثال مع الأسير "إياد الفروخ" من الخليل حيث قام جنود الاحتلال بتمزيق التصاريح الخاصة بالزيارة لشقيقاته عدة مرات أثناء وصولهم إلى الحواجز، كذلك الأسير" إياد محمود نصار" 18 عاما من طولكرم والمحكوم بالسجن لمدة 30 عاما تقوم قوات الاحتلال بإعادة شقيقته عن الحواجز ومنعها من زيارته رغم حيازتها على التصريح اللازم للزيارة .
معاناة مقابل نصف ساعة
كل تلك المعاناة التي يلاقيها الأهل خلال زيارة أبنائهم فمن يسمح له بالوصول إلى مكان الزيارة الضيق معدوم التهوية، لا يستطيع الانتظار أكثر من نصف ساعة يروى بها للأسير أشواقه ويخبره بما يستجد من أحداث في الخارج تخص أحبائه وأقاربه ، وبالكاد يستطيع الأسير سماع صوت الأهل عبر الهاتف الداخلي الذي غالباً ما يكون معطل ، في ظل وجود الحاجز الزجاجي السميك الذي يفصل الأسير عن ملامسه أهله واحتضان أبنائه .
ثم يعود الأهل مرة أخرى إلى رحلة المعاناة لساعات طويلة للوصول إلى بيوتهم ، يحملون هم أبنائهم ، ويقاسون إذلال التفتيش على الحواجز مرة أخرى .
مخالف للقوانين
حسب القانون الدولي فان حرمان الأسير من الزيارة مخالف لكل الاتفاقيات والمواثيق الإنسانية ذات العلاقة بالأسرى، حيث يضرب الاحتلال بعرض الحائط اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 التي تنص المواد "70 , 71 , 111 , 113 , 116 " منها على حق الأسرى في زيارة ذويهم بصورة متواترة ومنتظمة ، وهذا الأمر يلزم الاحتلال بالقيام بالتدابير والترتيبات اللازمة ، لتمكين أهالى الأسرى من زيارة ذويهم ، وفق برنامج محدد، على أن يشمل أماكن الاعتقال والتوقيف، وفي مواعيد ثابتة يبلغ فيها كل من المعتقل وذويه الراغبين بزيارته وعلى أن يشمل كافة المعتقلين دون استثناء أو تمييز، وأكدت على المعنى ذاته القاعدة 27 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي تبنتها الأمم المتحدة عام 1955.
واعتبرت الوزارة المقالة تذرع الاحتلال بالانقسام الفلسطيني لحرمان الأسرى من زيارة ذويهم ، كذب واضح وحجة غير مقنعة حيث أن الاحتلال الصليب الأحمر هو من كان يتولى برنامج الزيارات وليس أى طرف فلسطيني سواء من فتح أو حماس ، بالإضافة إلى أن الاحتلال كان يضع عراقيل ومضايقات على زيارة أهالي الأسرى منذ سنوات طويلة ، ويحرم الآلاف منهم من الزيارة بحجج واهية .
وطالبت الوزارة المقالة المنظمات الدولية التدخل والضغط على الاحتلال للسماح للأسرى بزيارة ذويهم والاطمئنان عليهم ،وخاصة في ظل قلق الأهالي على أبنائهم الذين يعيشون ظروف قاسية فى السجون .