اليهود وبزعم تعرضهم لمذبحة على يد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ما زالوا يتلقوا التعويضات منها، مع أن الكثيرين من الكتاب والمفكرين يشككون بصدقية أحداث المذبحة ولديهم من الأدلة والبراهين ما تدحض وقائعها. الشعب الفلسطيني يكابد الويلات جراء وعد بلفور الذي جرى في 2\11\1917 فهل ستعوض بريطانيا الشعب الفلسطيني عما سببته لهم من مآسي والذي لا يشكك احد بصحة وقوعها؟
بريطانيا هي من زرعت سرطان ما يسمى بدولة "إسرائيل" في قلب العالم العربي والإسلامي وعلى حساب شعب مسالم. بريطانيا عبر وفائها بوعدها المشئوم ما زال حتى هذه اللحظة يقتل ويدمر ويزرع الدمار والخراب في العالم منذ أكثر من 92 عاما، فهي المسئولة، وهي التي يجب ملاحقتها ومحاسبتها فجريمتها لا تسقط بالتقادم.
هذا الوعد جلب معه الشيطان الى المنطقة العربية، وما زال يتسبب بكل الشرور للفلسطينيين والعرب والمسلمين، وتسبب في مقتل وجرح مئات الآلاف وتشريد سبعة ملاين فلسطيني في منافي الأرض، وإرهاق الدول العربية والإسلامية ومنعها من الصلاة في المسجد الأقصى وحرمانها منه .
من يخطئ عليه تحمل النتائج الكاملة عن خطئه. بريطانيا هي أصل الداء وهي من صنعت المشكلة المستعصية حتى الوقت الحاضر وعليها دفع كل ما ترتب على وعدها المشئوم وتعويض كل فرد من الشعب الفلسطيني.
صحيح أن الوقت غير ملائم بحكم الفرق في القوى، ولكن هذا لا يعني أن بريطانيا ستبقى طيلة الوقت قوية وتتهرب من جريمتها ومسئوليتها، فما من مجرم إلا وطالته العدالة ولو بعد حين. بريطانيا ومعها أمريكا تحاول وحتى اللحظة جعل السرطان جزء أصيل من العالم العربي والإسلامي وتصريحات كلينتون الأخيرة حول الاستيطان تصب في ذلك، وهو ما ينافي طبيعة الأشياء وحقيقة أن السرطان لا حل له سوى الاستئصال.
لا احد ينكر أن بريطانيا خصم متغطرس، ماكر، وذكي، يستسهل دماء وآلام العرب وخاصة الفلسطينيين، ولا تبالي بالقانون الدولي، ولا تملك قوة أخلاقية كافية تجعلها تقر بذنبها وجريمتها بحق شعب فلسطين، لذلك يجب العمل ضمن القانون فقط ولا غير، وفضحها إعلاميا حتى نصل لمرحلة إحراجها واعترافها بجريمتها، كما اعترفت ايطاليا بجريمة احتلال ليبيا وعوضتها.
ما يحصل في الوقت الحالي على الساحة الفلسطينية من انقسام يؤلم ويوجع، بريطانيا مسئولة في جزء كبير عنه، فهي من زرعت الاحتلال الذي يفرق بين أبناء الشعب الفلسطيني ويغذي الانقسام بطرق ماكرة وذكية ويلعب على تناقضاته للأسف الشديد بدل أن يكون العكس هو الصحيح.
نجاح التصويت على تقرير غولدستون يشكل سابقة يستفاد منها لدى الشعب الفلسطيني في ملاحقة بريطانيا، لان جريمتها لا تسقط بالتقادم لاستمرارها ما دام الاحتلال موجودا على الأرض الفلسطينية، وهذا بدوره لا يعني وقف أي شكل من أشكال المقاومة التي كفلتها القوانين الدولية نفسها التي تجيز للشعب المحتل أن يدافع عن نفسه ويدرأ خطر الاحتلال بالطرق التي يرتئيها للتخلص منه وطرده.
بريطانيا ووعدها المشئوم والاحتلال ليسوا قدرا يجب التسليم به ؛ بل هو ظرف طارئ يجب التخلص منه. العالم من حولنا متوحش لا يرحم الضعفاء، فبريطانيا تظهر نفسها على إنها بلد الحريات والديمقراطية والإنسانية الرحيمة ولكن العكس هو الصحيح بعدم اعترافها بالمسئولية عن مآسي شعبنا وتعويضهم ومساندتهم، فهل صار لديها الجرأة وتملك قدر من الأخلاق الرفيعة كما تدعي وتزعم ولو بالحد الأدنى لتعلن عن مسئوليتها عما جرى للشعب الفلسطيني من مآسي وتعويضه لاحقا؟!