اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ذكرى وعد بلفور يوماً مشؤوماً في التاريخ الفلسطيني والعربي ودليلاً على وحشية ما سمي بالحضارة الغربية، ومناصبتها العداء للشعب الفلسطيني والأمة العربية، و يشير في نفس الوقت إلى مدى خطورة المخططات السياسية وأبعادها الاستراتيجية وقدرتها على خداع الزعامات العربية آنذاك بوعود كاذبة واستخدامها لسياسة التضليل والنفاق الاستعماريتين. وليس أدل على ذلك إلا اتفاقيات سايكس بيكو السرية التي عقدت من وراء ظهر العرب والتي تقاسمت دول الاستعمار البريطاني والفرنسي آنذاك أرض العرب، إلا المثال الحي على حقيقة النوايا الاستعمارية والمؤامرات التي حاكتها وتحيكها دول الاستعمار الغربي تحت شتى المسميات والخرائط منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن.
وقالت الجبهة في بيان سياسي صادر عنها بمناسبة الذكرى الـ92 لوعد بلفور المشئوم" أنه منذ عام 1917 يقف الشعب العربي الفلسطيني وأبناء الأمة العربية في الثاني من تشرين الثاني من كل عام أمام الذكرى السنوية لوعد بلفور المشؤوم، ذلك الوعد الذي منحت بموجبه حكومة بريطانيا الحق للحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين".
وأكدت أن الاستجابة للمخططات الصهيونية بإقامة الكيان الصهيوني العنصري دون وجه حق على حساب أرض الشعب الفلسطيني ومنحه كل وسائل الدعم والقتل والتدمير الأعمى بكافة أشكاله إلا أمثلة حية على الوظيفة المقررة سلفاً لهذا الكيان في خدمة سياسة الغرب الاستعمارية مما حال دون وحدة العرب وبعث حضارتهم وحجز تطورهم وإدامة لتخلفهم عن ركب التقدم الإنساني وإبقائهم مرتعاً للنهب والاستعباد والتبعية.
وأشارت الجبهة أن ما نشهده اليوم في مواقف السياسة البريطانية ودول الغرب عموماً بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي كان آخرها التخلي عن مزاعمهم بتمثل القيم الإنسانية وحقوق الإنسان عند التصويت على تقرير غولدستون الذي كشف حقيقة الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وقبله في العراق ولبنان. كل ذلك يعبر ويجسد من جديد السياسات التي مثلتها اتفاقيات سايكسبيكو ووعد بلفور ومن ثم جاءت وعود أوباما ووقوفه التام وإدارته وراء سياسة الاستيطان العنصرية المرفوضة دولياً على الأرض الفلسطينية.
ودعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كل الأطراف الفلسطينية إلى الخروج من دائرة الصراع الداخلي والتوحد على برنامج وطني تحرري وديمقراطي يصون وحدة القضية ووحدة الشعب من أجل إنجاز أهدافه الوطنية ومواجهة كل المخاطر التي تحيط بقضيتنا الوطنية الفلسطينية، مشيرة أنه لا خيار أمام شعبنا لتحقيق الحرية إلا خيار الوحدة الوطنية. وبدون ذلك فإن المشروع الوطني الفلسطيني سيتعرض لخطر الإلحاق والتبديد.
كما دعت لوقف المفاوضات والمراهنة على ما يسمى بمسيرة السلام التي مضى عليها ما يقارب عقدين تحت مظلة المرجعية الأمريكية وخارطة الطريق والتي تمكنت دولة الاحتلال في ظلها من مضاعفة عدد المستوطنات والمستوطنين مرات ومرات في الضفة الفلسطينية المحتلة ومدينة القدس في قلبها التي تشهد تغيراً جغرافياً وديمغرافياً بهدف تهويدها وجعلها مدينة مختلطة كباقي المدن التي احتلت في عام 1948 ونزع أي صلة لها بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وحذرت من خطورة الرهان على السياسة الأمريكية الصهيونية التي تقوم على منهج إدارة الصراع وليس حله وتوظيف المفاوضات أسلوباً لخداع الرأي العام العربي والعالمي، ومن ثم ثني العرب عن مواصلة الممانعة والصمود القومي والتقدم والقبول بإملائات سياسة الأمر الواقع على المنطقة، وهو ما يتطلب مراجعة جدية لنهج أوسلو والسياسة التي قامت على أساسه، وإتباع البدائل الوطنية الكفيلة بوضع حد لسياسة النفاق والمخادعة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تستكمل هذه الخطوات إلا عبر إشراك الجماهير العربية في معركة تحررها القومي والاجتماعي وإطلاق الحريات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان العربي ، ومن ثم الشروع الفوري بالحوار الفلسطيني والمصالحة الوطنية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أساس ديمقراطي وعلى قاعدة وثيقتي إعلان القاهرة والأسرى، والعمل على تحرير الأسرى من سجون الاحتلال الصهيوني البغيض.